اعمدة و أراءبعيوني-رامي محكر

عذراً وزير الثقافة مأمون التلب .

بعيوني "رامي محكر"
ولأن لا كرامة لنبي في بلده كان لابد للعقول والأيدي الماهرة أن تغادر أرضها
لتغرس علمها و عملها في بلاد أخرى، ولأننا في عهد دولة لا تعترف بوضع
(الشخص المناسب في المكان المناسب)، ضاقت البلاد وأضحت (خرم إبرة) في
عيون الكثيرين فاختار البعض الخروج من الظلام، حتى يحظوا بـ(كريم العيش)
، وإن كان طعمه مُراً، آخرون قلة اختاروا البقاء في الجحيم، حملوا المشاعل لإضاءة
الظلام الذي يسود أرض السودان منذ أكثر من ربع قرن. • ولأننا في عهدٍ يدعي فيه
الكثيرون النضال بالقول لا بالفعل والعلم السليم، ظل الظلام يقارع ضوء الشمس
حتى لم نعد نشعر بشعاعها إلا بـ(سخونة) الأجواء، فأصبحنا نعاني الظلام و (الحر)
، فلم تعد الشمس رمزاً للحقيقة، وأضحى كثيرون منا يقولون ما لا يفعلون، لذا أضحت
القناعة عند كثيرين أن (لا يحلمون بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصرجديد). •
ولأن مأمون التلب كان يحمل هماً ووطناً في دواخله ظل يقول ويعمل، وكأن مأمون أدرك
أن مشكلتنا في عقولنا، سعى لأن ينير الطريق بالقراءة، فهو يعلم أن الحرف سبيلنا
للنجاة، لم أرى شخصاً كالتلب لا يهدأ ولا تقيد فكره وعمله عصبة الظلام، بل ظل إيمانه
بأن الغد سيكون أفضل إن تعلمنا ومنحنا (مُخنا) عِلماً وفكرا. • أعرف وأتابع الكثير من
المثقفين في هذه البلاد، إلا أن معظمهم لا يرون في بغضهم لقادة الظلام عملاً سوى نقد
ولعن الظلمات بالقول لا بالفعل، وإن فعلوا دعى بعضهم الآخرين للخروج إلى الشارع
ومكثوا هم في ديارهم وفي فراشهم يناضلون. • ولأن مأمون التلب يعلم أن الخلاص من
جحيم الظلام، إيمانه بأن الثقافة فعل وحراك، ولأنه ليس من أهل المال والسلطان لم يجد
غير الصد ومحاولة تشويه صورته أمام الآخرين، إلا أن ذلك لم يقيد حركته ولأن الإنسان
الذي يسكن في قلبه وعقله لا يستكين ولا ينطفأ نوره، ظل يقود المبادارة من أجل لفت
الانتباه لأهمية الثقافة كفعل وحركة، فأضحى الحرف سلاحه ورصاصته الذي يقتل بها الجهل
الذي يخيم على عقولنا، ليعيدنا إلى الحياة. • ولأن النجاح لا يأتي إلا بمقاومة وصراع قوى
الإحباط بالأمل والعمل، اختار مأمون التلب قيادة المبادراة واحدة تلو الأخرى، فكلما وضعوا
أمامه سداً، إزداد يقينه بأنه يسير في الاتجاه الصحيح، وأطلق مبادرة أخرى، وسينتصر
مأمون التلب (وإن طال السفر). • ولأننا في دولة ومجتمع يرى أن الفنون والثقافة
ترف ومن صنع الشيطان، ظلت وزراتها مهمشة تمنح لأفراد لا يعرفون عن الثقافة
السودانية سوى أن لها وزارة ومناصب، فبربكم من هو وزير الثقافة الآن؟ مقارنة
بما يحدثه مأمون من حراك ثقافي بأدنى الإمكانيات.
• عفوا وزير الثقافة غير المعلن مأمون التلب .. لا كرامة لنبي في بلده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى