أخبار الرئيسية (سلايدر)ريبورتاجلقاء الاسبوع

الشاعر التونسي أنيس شوشان لـ(ريبورتاج) : العنصرية في البلاد العربية تحولت من اللون للهوية

(…)  لهذه الأسباب منعت من دخول مصر وفلسطين والإمارات   
أنا أكثر شخص تعرض للعنصرية ومنعت من الزواج بسبب لوني

حوار: علاء الدين موسى 
أنيس شوشان شاعر تونسى ذائع الصيت يكتب الشعر منذ ان كان ابن العاشرة ،  تعرض لكثير من الظلم والاضطهاد بسبب لونه الاسود الذي كان ينعته به اقرانه ويسيرون خلفه في الطريق في مجتمعه   للدرجة التي تم حرمانه فيها من اخذ حقوقه كاملة في التعليم بتونس قبل ان يتم انصافه من قبل مدير التربية والتعليم هناك، وهذا الموقف انبنت عليه قصائده ومواقفه مستقبلا، ولم تتوقف معاناته فقد جرت عليه قصائده الكثير من المشاكل ومنع من دخول عدد من الدول بسببها.
  قال شوشان ان حكومته بتونس عرضت عليه   الكثير من الأموال ليتخلى عن رسالته المناهضة للعنصرية والكاشفة لظلم المجتمع لكنه رفض،  وواصل دعوته إلى ضرورة قبول الاختلاف والتنوع ، جاء انيس أمس الأول  للسودان للمشاركة في جائزة (أفرابيا) التي ينظمها مجلس الشباب العربي الأفريقي في نسختها الرابعة، لنشر ثقافة السلام والمحبة ومحاربة جميع اشكال العنصرية بشعره لا بحمل السلاح كما ذكر في حواره مع (ريبورتاج). 
*أولاً شوشان ، أهلا بك في السودان؟ 
  يا هلا بيك وبي ناس السودان، ذلك البلد الذي سعيت لزيارته منذ سنوات لطيبة أهله. 
 * ماانطباعاتك عن أول زيارة للسودان؟ 
لم أكون حتى الآن اي انطباعات عن السودان لانني لم أخرج من الفندق، فقط وجدت ربع ساعة وذهبت للنيل الذي أعشقه، ولكن بعد فراغي من الحفل سوف أتعرف على أهم المعالم في السودان. 
 *كيف تنظر للمشاركة في حفل تدشين مسابقة أفرابيا في نسختها الرابعة؟ 
المشاركة تعني لي الكثير خاصة وانها أتاحت لي فرصة التعرف على الشعب السوداني وأرضه، وهذه فرصة لأشكر اسرة مجلس الشباب العربي الأفريقي لدعوتي للمشاركة في الجائزة، وأتوقع تقديم  حفل ناجح للجمهور السوداني المحب للفن والإبداع. 
*دعنا ننتقل لجزئية أخرى, الناظر إلى قصائدك يجد فيها كلمات تنادي بمحاربة العنصرية ؟
العنصرية حاجة موجودة، والقارة التي نعيش فيها أكبر دليل على ذلك، وعشنا مئات السنوات من العنصرية والاستعباد وثرواتنا منهوبة، رغم اننا  أكبر قارة في العالم من حيث الموارد إلا أنها أفقر قارة مجتمعياً واقتصاديا، وأمريكا نفسها بها عنصرية.
 العنصرية تكمن في عنصرية  الانسان ضد الانسان في الجهويات بين ولاية ولاية وفكر وفكر وانتماء وانتماء، ما عندي جنسية أدافع عنها عندي الهوية الوحيدة التي يؤمن بها والتي تجمع بيننا جميعا الهوية البشرية ، الاختلاف في الفكر والرأي والنظرة على الاشياء، وظلنا ندافع عن ثقافة القطيع التي تربينا عليها وثقافة العادات والتقاليد والقوالب الجاهزة وكلها عنصرية، والعنصرية ضد اللون تعرضت لها شخصيا  في الصغر، كتابة الشعر دافع نفسي ليعيش الانسان خليفة في الأرض.. 
*إذن أين تكمن المشكلة وكيف نتخلص منها؟ 
مشكلتنا لا تتلخص في اللون فقط والتي كما قلت لك تعرضت لها، إشكالنا أعمق ويتمثل في معرفة الهوية، نحن لا نعرف من نحن، هل نحن عرب درجة ثالثة أم أفارقة منسلخون عن جلدنا؟ نحن لا نقبل الاختلاف والتنوع، وعلينا أن نعي باهميتها ونستغلها لإثراء المجتمع ولا نسعى لإلغاء المختلف واستهدافه بكل العبارات المهينة.. 
*وما  دورك كمثقف وشاعر في معالجة تلك الإشكالية؟ 
أريد المساهمة في معالجة داء عدم قبول الاختلاف، فنحن لا نملك نفس البصمة ولم نعش في نفس البيئة ولا نفس الطريقة، ولا يمكن أن تفرض رأيك على الآخر مهما كان. 
*وهل وجدت من وقف معك في هذا الطريق؟ 
لم أجد شخصاً يقف إلى جانبي في بدايتي وتعبت (برشة برشة)، ولم يساعدني شخص  من قريب أو بعيد ولكن ما ساعدني هو حب الناس لي فيما بعد ، ورغم ذلك حاولوا القضاء علي ذات مرة  واتهموني بأنني أمرر أجندة غربية وذكروا ان هناك جهات تقف خلفي، وكل ذلك من وحي خيالهم.
*وهل تعتقد أن هذه الاتهامات تعود لأسباب عنصرية؟ 
تونس فيها عنصرية مثلها مثل باقي الدول العربية،  التي تتمثل في عنصرية ضد الإنسان حاكما وشعبا ثم  ظلما وتهميشا، بعد الثورة تعلمنا في تونس نسال أسئلة وجودية من أنا ماذا أريد ماهي طموحات هذا البلد؟  كيف نستطيع أن ننشر العدالة بين الناس؟ نحن احسن من غيرنا ولكن هنالك أفضل منا، يضعك داخل القالب ويمنعك من التفكير، لا نستطيع ان نكون، وأنا أكثر شخص تعرض للعنصرية وعشت في وسط مجتمعي عنصري امشي في الشارع الأطفال يركضون خلفي وينادوني ( يا أسود)، وذات يوم وانا ابن الخمس سنوات سألت أمي هل نحن بشر وأم لا فبكت أمي، وتواصلت العنصرية معي عندما جاءتني استاذة لغة عربية وقالت لي كيف انت ذكي جدا جدا وتتقن اللغة العربية وانت أسود وكان معدلي 14 ونص درجة في تلك السنة بقدرة قادر تحولت  سبعة من خمسة عشر، مما جعلني اشتكي لمدير  التعليم العام، ومنحي بدوره إعفاء دخول حصص اللغة العربية، كما تم رفضي أن اتزوج بفتاة من منطقتي  بسبب لوني، ومنذ ذلك التاريخ قررت ان أثور بهذه الطريقة،  لا احمل سلاحا، لكن بالكلمة أحاول تغيير مجتمعي وهنالك مجموعة اشياء صنعت الثورية الوجودية التي تعيشها..
*إذا لم تتعرض لهذه العنصرية هل كان يمكن أن تخرج مثل هذه القصائد الثورية؟ 
ضحك  وقال، الله أعلم ، لكن العنصرية في الأوطان العربية موجودة وليست مرتبطة باللون فقط، وتبدأ هذه العنصرية من المنزل من الاب والمعلم في المدرسة والشارع والحكومات لذلك من وجهة نظري أن العنصرية لديها أوجه
عديدة .
*بعد الشهرة التي تحققت لك , هل ما زالت العنصرية تلاحقك كما كان في السابق؟ 
أنا لا اهتم بها ان كانت موجودة ام لا، ولكن الشهرة خلقت  لي مسؤولية كبيرة في نفسي، ثمة ناس تنتظر ان أدافع عنها وان أتكلم على لسانها، وتصلني كثير من الرسائل وأرى بعيني القضية الاساسية التي أتبناها قضية الانسان لان كل واحد من حقه ان يرى الآخر من زاويته الخاصة. 
*رغم الشهرة التي حققتها في مجتمعك بتونس.. هل  تم إنصافك من قبل  الإعلام  ؟
الإعلام التونسي يغيبني، ويلعب دورا اساسيا  في إقصائي وأنا أرى أن الإعلام  التونسي يحب العمل الردئ . 
وهناك مقولة راسخة وهي  (لا أحد نبي في وطنه)، ولكن بفضل اليوتيوب وصلت لعدد كبير من الناس داخل تونس وخارجها ،  لأنني لا اعترف بالجنسية لان كل الأرض بالنسبة لي كلها وطن مثل ما قال محمود درويش (كل قلوب الناس جنسيتي فاسقطوا عني جواز السفر)، الهوية التي تجمع بيننا هي الهوية البشرية.. 
*ولكن  البعض يرى أن المباشرة في أشعارك هي سبب الإقصاء؟ 
هناك كلام يجب أن يقال، رموز المجتمع تغيرت، نحن نمثل جيلا جديدا والإيحاءات لم تعد مجدية، وعلينا اليوم أن نقول الحقيقة بشكل مباشر، خاصة اذا كان النص ذا قيمة وليس مبتذلا، لقد ولى زمن الإلقاء في بيت الشعر  الذي تشعر فيها أن الشاعر بحد ذاته لا يفهم ماهو بصدد قوله، لأن خريطة العالم تغيرت وهناك أجيال جديدة لن نترك لها شيئا، يوجد استنزاف للثروات وتغييب للشعوب وطمس للحضارة،  وفي قصائدي لا اسب احداً اعترف بمواقف أخاطب الناس  اكثر من الحاكم لأن  الحاكم لا يعنيني، وحتى أكف عن هذه الكتابات عرضت على الحكومة أموالاً طائلة ولكن بعت العروض واشتريت نفسي. 
*منعت من دخول عدد من الدول، فهل يخيف شعرك حكام تلك الدول؟ 
المنع لم يأت  لسبب واضح بعد ثلاث محاولات لسنين  سمح لي بدخول الإمارات بعد تدخل أمير بها  في ذلك الأمر، إلى جانب منعي مرتين من دخول الأراضي الفلسطينية، حيث كانت لي أمسيتان شعريتان في رام الله ولم أحصل على تصريح، ومنعت من قبل ذلك الدخول  لمصر. 
*هل لديك كتابات شعرية قبل الثورة .. أم أنك وليد الثورة؟ 
أصلي من جنوب تونس ولدت في أقصى شمال تونس في مدينة  بنزرتا أعلى نقطة في أفريقيا ولدت خليطا  بين البحر والصحراء،  وجدت نفسي اكتب الشعر منذ صغري وأقلد الكبار وكان اكتشافي الحقيقي للشعر مع ديوان (إرادة الحياة) لأبي القاسم الشابي وجدته في يد أخي الأكبر ولم افهم منه شيئاً  وبدأت أقرأ وتأثرت بالشابي، وأصبحت أكتب لأثبت وجودي ولم أعرف حتى أن ما أكتبه قد يعجب الناس. 
ثم انطلقت المسألة صدفة، بعد الثورة، حيث دعتني  إحدى صديقاتي للمة شعرية، وطلب مني احد الحاضرين إلقاء الشعر وكان حينها باللغة الفرنسية، ولاقى اعجابا، ومنذ ذلك  الوقت بدأت أكتب باللهجة العامية التونسية، بعد أن كنت متأثرا بالشعر الكلاسيكي لجميل بثينة وامرؤ القيس وعنترة، والشعر الحديث مع نزار قباني ومحمود درويش. وعكست اللهجة العامية شعور الخصوصية والهوية لدي، وعندما مزجت اللهجة العامية بالعربية كان هناك تداخل ومزيج جيد، خاصة أني لا التزم بقاعدة شعرية معينة، فأنا أكتب لأثبت أني موجود. 
*ولكن هذه اللونية وضعتك في مقارنة مع الشاعر المصري الجخ.. ما تعليقك؟ 
نعم هشام الجخ اهتم به، التقيت به وضحكنا سوياً، وأكن له كثيرا من الاحترام، ولكن  ما أعيب عليه يمسرح القصة جدا ويلعب على أوتار المجتمع، مثل الافلام المصرية، فأنا هنا لست لأجعلك تبكي، ولكنني  أؤمن بانني ادعوك للتفكير.    
*ختاماً ماهي أعمالك القادمة؟ 
(طبول الحرب)  ألقيتها في المفوضية السامية لحقوق الانسان في بيروت احتفالا بالسبعينية للإعلان العالم، وقصيدة اخرى ، (جهنا) اخترعت لها هذا الاسم في السودان.
لمتابعة الاخبار الفنية الثقافية زورو موقعنا الالكتروني صحيفة ريبورتاج:
صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/reportagesd
تلغرام: https://telegram.me/reportagesd
مجموعة الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/85632…
تويتر:https://twitter.com/reportagesd1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى