بقلم القراء

حلفاية الملوك تعزف لحن الحزن بعود أسماء حمزة

إشارات متنوعة : محمد السماني
وغادرت أسماء حمزة عالمنا لتستوطن في الضمائر  في صمت وهدوء تام بعيداً عن إهتمام المسئولين والأجهزة الإعلامية في شهر رمضان رحلت سيدة العود في (الزمن الطيب) وبرحيلها المؤلم سقطت زهرة فواحة من زهور حلفاية الملوك وزهور السودان وقمة كبيرة ساهمت بتكوين هوية الأغنية السودانية التي كان همها الأول والأخير الألحان السودانية التي ناضلت من أجل الحفاظ على هويتها ونشرها وتطويرها لدرجة أشتغالها على أي لحن كانت تعمله تتعمد على إبتكار جمل لحنية تبعد عن مثيلاتها السودانية والعربية المهيمنة على الساحة وقتها ، كانت أسماء تحمل في ذهنها أفكاراً  كثيرة تريد ان تطور بها الموسيقي والفن السوداني لكي لا تبقي علي نمط واحد لتنقل ثقافتنا وتراثنا للعالم فكانت خير من حملت الرسالة الفنية أدتها بكل محبة ووطنية وإبداع وإخلاص ورحلت بعد رحلة طويلة من العطاء الفني والإنساني أثرت من خلاله المكتبة الموسيقية المحلية والعربية بألحانها الكثيرة ومتميزة إستطاعت من خلالها إثبات وجودها الفني في ظل وجود عدد كبير من الملحنين على مستوي الشرق الأوسط رحلت الآن  لتلتحق بمن رحل من مدينتنا من المبدعين الذين شكلوا وجدان السودانيين بجميل الألحان والأشعار والأغنيات تعلمت العود لوحدها ولم يعلمه لها أحد وأذكر أنها حكت لي عن مسيرتها الفنية وقالت كانت تريد أن تصبح مغنية لكن أوتار صوتها منعتها بسبب (لحمية) ولدت بها وكان إصرارها لدخول المجال الفني هو الذي دفع والدها حمزة بشير بان يهديها (عود) تعلمت عليه العزف وليس ببعيدة عن الابداع والفنون فتربطها علاقة أسرية مع أمير العود الفنان حسن عطية وبشير عباس ، فبالأمس عزفت لنا أسماء حمزة بنفسها (ياعيوني) من ليالي الملاح التائه والزمن الجميل لسيف الدسوقي وهاهي الآن أعوادها تعزف لنا ألحان الحزن والفراق عبر سيرتها العطرة التي تركتها لنا وللمكتبة السودانية ، نعاها الوسط الفني والإعلامي ونعتها حلفاية الملوك مهدها ومرتع صباها وإفتقدها الجميع في نهار الأمس الخامس من رمضان  فقد كانت أسماء عاشقة للإبداع والمبدعين وقدمت ما قدمت من أعمال لحنية مميزة وإرتبطت إرتباطاً كبيراً بآلة العود ولم تمر أعمالها مرور الكرام بل جعلت منها ملحنة مختلفة عن غيرها داخل أو خارج الوطن فقد ورَثت الأستاذة أسماء حمزة الإبداع لكل فنان وأشعلت في داخله شمعة الفن والتطريب فلها عدة تجارب لحنية وتعامل معها عديد من الفنانين منهم سمية حسن وعابدة الشيخ  ومحمد ميرغني والكابلي وعماد أحمد الطيب وكانت تعشق جداً وتحب الإستماع للفنانة أم كلثوم والأستاذ عثمان حسين ، زرت أسماء مؤخراً قبل رمضان في منزلها الواقع علي مرمي حجر من منزلنا بحلفاية الملوك وإستقبلتي بترحاب وروح شبابية كبيرة وشربنا معاً الآبري وحدثتني كثيراً عن مسيرتها الفنية التي لايمل أحد سماعها وتكرارها فلحديثها عذوبة كما ألحانها التي تعزفها ، وأذكر أني قد زرتها قبل 4 سنوات للإطمئنان على صحتها عقب عودتها من رحلة إستشفاء أخيرة كانت تحكي ما يعيشه المبدع في هذه البلاد من إهمال وعدم إهتمام وكانت لا تشير إلى نفسها بل تتحدث بلسان المبدعين عموماً في وقت غابت فيه مؤسسات الدولة الثقافية عنها وقل فيه الإهتمام بالمبدع وقل فيه الوفاء لأهل العطاء فقد ظلت طريحة الفراش لزمن طويل 
 وأذكر حينها أنها قالت لي لم يزرني أي مسئول أبداً منذ سنين طويلة في بيتي وصرت بعيدة عن الكل إلا نفر كريم من الفنانين الشباب الذين يداومون علي زيارتي بغرض التواصل والإطمئنان على صحتي ، أسماء حمزة مثلما مثل أي معلم سوداني وأي هرم سوداني يزوره الناس ويهتم به أسماء حمزة وضعت بصمتها في الأغنية السودانية بتفرد ورحلت في صمت ، يكن لها الجميع حب وإحترام ووفاء أيضاً فمجتمعنا بحلفاية الملوك يكن لها كل المحبة كيف لا وهي فقد إحتضنت في منزلها أول منتدى ثقافي فني سُمي بمنتدي حلفاية الملوك الثقافي كان شعلة للفن ومنارة للإبداع بحلفاية الملوك كان رئيسه آنذاك الشاعر الراحل سعد الدين إبراهيم ويجمع لفيف من مبدعي بلادي منهم من رحلو ومنهم من يعيشون بيننا يواصلون في إبداعهم فهي جزء من ذاكرة مدينة الإبداع رحلت وهي باقية بالقلب والذاكرة دائماً .. 
إشارة أخيرة :
 لا نملك إلا أن نترحم على روح أسماء صانعة الألحان وإبتسامة الزمن الطيب وزهرة العطاء الخالد فهي اذهان الجميع وهانحن قد شيعناها ومن قبل كان حزنها مماثل لحزننا برحيل الشاعر سعد الدين إبراهيم والعازف فيصل محمد نصر ومن فقدتهم حلفاية الملوك وشوارعها ومنتدياتها رحمكم الله جميعاً .
​لمتابعة الاخبار الفنية الثقافية زورو موقعنا الالكتروني صحيفة ريبورتاج:
صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/reportagesd
تلغرام: https://telegram.me/reportagesd
مجموعة الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/85632…
تويتر:https://twitter.com/reportagesd1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى