آنجي-عاطف عبدوناعمدة و أراء

” فيلا كوتي” أعقل المجانين العقلاء وأجن العقلاء المجانيين

آنجي – عاطف عبدون

أذكر ذلك اليوم جيدا اذكر تلك اللحظة حينما صدح صوت Fela Kiti عبر محطة إذاعية محلية في بشمال النرويج كانت تحيي ذكري رحيل فيلا العاشرة. كانت تلك هي بداية معرفتي بتجربة فيلا ومتابعتي لمشروعه الغنائي الضحم, كأفريقي كان لابد أن يعتريني الخجل والإحساس بالتقصير لعدم معرفتي بفنان تحتفي به اذاعة محلية في اقصي شمال الكرة الارضية ومنذ ذلك اليوم عزمت علي متابعة " فيلا كوتي" عاري الجسد المتدثر بالوعي والإبداع والغارق في التمرد,

وإذ تمر علينا اليوم الذكري الحادية والعشرون لرحيل أحد أعظم المغنيين الأفارقة وأصلب المناضلين وأجن العقلاء وأعقل المجانيين أحد أميز الموسيقيين وأكثرهم انضباطاً والتزاماً وثوريتاّ وابداعاً، تمر علينا ذكراه وهو في أبهي حالات حضوره في الحراك الموسيقي والسياسي للقارة السمراء

ماكرون وكوتي

لم يخطر علي بال الرئيس النيجيري محمد بخاري أنه سيأتي يوم يصبح فيه ملهي غريمهم "فيلا كوتي" مزاراً يجتذب الرؤساء الزائرين لبلاده, لم يخطر علي باله وبال العسكر الذين سجنوا فيلا عشرات المرات أن يشيد الرئيس الفرنسي ماكرون بدور "كوتي" قائلا عنه انه لم يكن مجرد موسيقي بل كان سياسيا أراد أن يحدث تغييراً في المجتمع , قالها ماكرون من علي مسرح ملهي كوتي العريق دون أن يبالي بـ محمد بخاري الذي كان أحد الذين اذاقوا كوتي الأمرين .

تمرد

علي خطي إخوته ودرب أسرته الأرستقراطية انتقل "فيلا" الي لندن لدراسة الطب ولكن سرعان ما أسرته الموسيقي وقرر دراسة الموسيقي الكلاسيكية بدلا عن الطب وعاد من لندن موسيقياً علي غير ما أرادت أسرته، ولم يتمرد كوتي فقط علي رغبة عائلته بل تمرد حتي علي موسيقاه التي إبتدر بها حياته الموسيقية وجدد ذاته الموسيقية بخلق موسيقي مغايرة أضاف بيها للموسيقي العالمية شكلا ونمطا موسيقيا جديدا عرف بتيار"بالافروبت"، تمرد علي خط والده الداعي لنشر اللغة والثقافة الانجليزية وتصدي لذلك بالدعوة للافرقافنية، تمرد علي تاريخ أمه النسوي ف تزوج 27 زوجة ، تمرد علي الأسماء التي إختارها لفرقته الموسيقية، تمرد علي الأنظمة الحاكمة فلا شي ثابت في حياة كوتي إلا التغيير الذي كان ينشده طوال حياته فتمرد كوتي علي كل شي الا الكائن الثائر الذي بداخله .

جنون

عًرف "فيلا" بتصرفاته الجنونية واللامتوقعة فقرر ذات امسية ودون اي مقدمات ان يتزوج ٢٧امرأة اي بجميع اعضاء فرقته من النساء وقرر ايضا ذات يوم ان ينفصل عنهن جميعا دون مقدمات, كما اعلن عن قيام دولته المستقلة التي اطلق عليها اسم "كالاكوتا" وكان يعمل قاضيا ومغنيا وحاكما في جمهوريته التي إجتذبت العديد من الباحثين عن الحياة الحرية . كمان انه كان يمزج ما بين الطقوس الافريقية والرقص علي المسرح وغالبا ما كان يغني عاري الصدر فكان فيلا مجنون بكل ما تحمل الكلمة من عمق .

موسيقي

تكمن اهمية فيلا في اختراعه تيارا جديدا في الموسيقي غُرف بالــ (Afrobeat). مزج فيه ما بين انماط موسيقية مختلفه جاعلاً من الطابع الافريقي البعد الاكثر عمقا وتاثيراً علي تياره الجديد فمزج ما بين موسيقي الجاز وموسيقي الفانك الافروـ امريكية والهاي لايف الغانية والايقاعات الافريقية ليخرج للعالم بتيار الافروبت.

كان فيلا مخلصاً لفنه ومحبا له, قالت عنه احدي زوجاته ان فيلا وهو يمشي أو يقود سيارته وهو فراشه كان في كل اوقاته يقتات الموسيقي. صرف فيلا ببذخ علي فرقته ورحلاته داخل وخارج افريقيا ونفذ لاغنياته مقدمات موسقية صارمة وإذ يري بعض النقاد ان طول اغنياته التي قد تمتد لــ ٢٠ دقيقة او اكثر اثر ذلك سلبا علي انتشار اغنيات فيلا خارج نيجيريا الي حد ما .

نضال

عندما سئل فيلا عن مصادر الإلهام رد قائلا ( معاناة شعبنا ) ثم أضاف حياة الفنان وعمله وبيئته هي مصدر الهامي، في الواقع لا أعرف فنانا تعرض للسجن والاعتقال بالقدر الذي تعرض له كوتي، إذ زار السجن لأكثر من 200 مره، تعرض فيها لشتي طرق التعذيب، كان ذلك ثمنا لانحازه لأحلام الشارع النيجيري وآماله فواجه الأنظمة الحاكمة بموسيقاه، بل دفع معه معجبيه وأسرته الثمن حينما اقتحمت القوات النيجيرية معقله "كالتكوتا" في هجوم وحشي لم يسلم منه حتي أطفاله ونسائه ووالدته الطاعنة في السن, دمر العسكر كل شي في "كالكوتا"حتي اقتيد كوتي عاريا تماما وملطخا بالدماء. وفور خروجه من السجن قصد كوتي وأتباعه مقر الحكومة آنذاك حاملين تابوت والدته ليضعوه "لاوباسانجو" أمام مقره ثم .غني له "فيلا" اغنيه الشهيرة "Coffin for Head of State

Them steal all the money

Them kill many students

Them burn many houses

Them burn my house too

Them kill my mama

So I carry the coffin

We go Obalende

We go Dodan barracks

We reach them gate o

We put the coffin down

Obasanjo dey there

With him big fat stomach

Yar'Adua dey there

With him neck like ostrich

We put the coffin down

وهكذا وبعد كل مرة يغادر فيها السجن كان فيلا يعود أكثر قوة وتماسكا وصلابة ويرد علي سجانيه بأغنيات سرعان ما يرددها الشارع النيجيري بل يمتد تاثيها لدول الجوار لا شي في الوجود كان ينازع حب كوتي للموسيقي إذ كرس لها كل حياته مؤمناً بدورها في التغيير فسخر موسيقاه للدفاع عن حقوق شعبه مبشيراً بافريقيا التي يحلم بها منتقداً حكامها الفاسدين ومحرضاً شعبه لينتفض من ما جعل صوت (فيلا كوتي) عاري الجسد المتدثر بالوعي والإبداع والغارق في التمرد صوت القارة السمراء الاكثر صدقا ومصادمة .

لمتابعة الاخبار الفنية الثقافية زورو موقعنا الالكتروني صحيفة ريبورتاج:
صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/reportagesd
تلغرام: https://telegram.me/reportagesd
مجموعة الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/85632…
تويتر:https://twitter.com/reportagesd1

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى