أخبار الرئيسية (سلايدر)ريبورتاجلقاء الاسبوع

فضل أيوب:الوسط الفني الحالي ليس بوسط الفني

مواليد العام 2000 الآن عمره 17 عام ولكنه مرفوض
الآخر يخافنا لأننا لا نملك هوية حقيقية
الصحافة الفنية في السودان فات عليها الكثير
سيأتي شخص بمستوي فكرة الراحل محمود عبد العزيز وليس بالضرورة أن يكون فنان

حينما التقيته كان هادئاً كعادته ومبتسماً، تبادلنا الحديث والقفشات قبل المحاورة والتي تحدث فيها حديث المحب لبلده والمتألم لما يحدث، أجبرني علي تغيير دفة الحوار باسلوبه الشيق وكان له ما أراد وكان لنا حوار ممتع مع فضل ايوب فيه قليل من الفن وكثير من الرؤي والأفكار 

حوار: إيهاب محمد علي

س: لماذا إختفي فضل أيوب؟
سؤال جميل .. فكرة الإختفاء مبنية علي أشياء كثيرة، أتمني أن نذكرها قبل أن نجاوب

س: تفضــل
 فضل قبل الغناء .. الشهادة السودانية في العام 1999، ثم جامعة الخرطوم (كلية الدراسات الإنسانية والإجتماعية) ولكني لم أكمل وتنقلت بين ثلاث جامعات ما بين علوم الحاسوب والترجمة. 

س: لماذا هذا التنقل بين الجامعات؟
المعني الحقيقي لوجودي في الجامعة هو المعرفة والإجتماعيات إبتداء من بائعات الشاي و(بتاع الأورنيش) الذي يجلس أمام الكلية التقنية وهو يتحدث الإنجليزية أفضل من الخريجين

س: هل كنت متفرغاً للدراسة؟
لاْ .. كنت أعمل في قسم الأمن والسلامة المناوبة الليلية بأحد المصانع.

س: ولماذا تركت الدراسة إذن؟
في العام 2003 ذهبت الي الملكة السعودية بنية العمرة وبحثت عن عمل هناك ووجدت بعض الفرص ولكني لم أوفق وعدت للسودان، وطبعاً فقدت دراستي ووظيفتي. فعملت فني تركيب الأسقف المستعارة والتي علمني إياها معلمي (حسن). 

س: سنتجاوز مؤقتاً السؤال الأول ولنتحدث عن محطة نجوم الغد؟
أعذرني فقد خرجت عن مجري الحوار ولكن ما قلته هو جزء من حياتي ولا ينفصل عني كفنان، دخلت (نجوم الغد) بالصدفة عن طريق إبن عمتي (كمال بابكر) المعروف بالجنيد والشكر لأسرة قناة النيل الأزرق وللأستاذ (بابكر صديق) الرجل الذي عرف عني وقدمني للجمهور بشكل طيب

س: وبعدما شاركت في نجوم الغـد وأغاني وأغاني، لم نعد نراك إلا نادراً؟
 الناس تتسائل أين أنت؟ والبعض يتهمني بالكسل، ولكني موجود ما بين المسجد والمسيد والمنزل ومسؤليات الحياة  الكثيرة جداً، هناك دور يجب أن تلعبه في حياتك كإنسان

س: ذكرت المسيد في الإجابة السابقة؟
انا متصوف .. وخيلان الوالد هم شيوخ الطريقة السمانية مثل الشيخ الشعراني والشيخ زين العابدين والشيخ الحسن والشيخ عبدالرحمن والشيخ محمد الطيب ود امرحي

س: هذا الحديث يُغري بالدخول في بعض تفاصيل حياتك (بعد إذنك طبعاً)، فهل تحدثنا عن المنزل والأسرة؟
والدي الأستاذ أيوب فضل حاج علي معلم بالمعاش ووالدتي الأستاذة بثينة حجازي محمد حجازي مدير عام إدارة التعليم الخاص الخرطوم بحري ، الوالد كان مديراً لمدرسة الفاشر الثانوية بنات والوالدة كانت طالبته في المدرسة، فتزوج المدير طالبته وأصبحت الطالبة معلمة. عشنا في (سبأ) اليمن أجمل  سبع سنوات ولم نحس إطلاقاً بالغربة فهم (كانوا حبايبنا واكتر من اخواننا) وهذه هي طبيعة الحياة وربنا يعيد اليمن سعيداً مثلما كان 

س: أسعدني حديثك الطيب عن أسرتك، كيف أثرت الأسرة علي تركيبة شخصية فضل أيوب؟
نحن نتيجة طبيعية للأب والأم يا إيهاب، فأبنائك هم نتاجك وشبهك ولا يوجد حل آخر، منزلنا كان عامراً بشرائط الراحلين العاقب محمد الحسن، حسن عطية، سيد خليفة، عثمان الشفيع وغيرهم وكانت الوالدة دائماً ما تحكي لي عن الراحل محمد وردي الموجه التربوي قبل الفنان، وتحدثني عن علاقة الوالد بالراحل عمر الطيب الدوش وبالمثقفين وقتها زباختصار هذا هو بيتنا

س: وشمبـــــــــــــات؟
مدرستنا كان إسمها (شمبات الغربية) وتمنيت أن تظل شمبات الغربية وليس (البراء بن مالك)، المدارس كانت تُسمي بأسماء المناطق ولكن بعد العام 90 أصبحت تُسمي باسماء الصحابة عليهم رضوان الله، لا مشكلة لدي مع أسماء الصحابة عليهم رضوان الله لكن اين الهوية السودانية خاصتنا؟ سيدنا البراء بن مالك صحابي جليل ولكن هذه المسميات لها علاقة مع شبه الجزيزة العربية نحن (أولاد) شمبات الحلة. فرجاءاً دعوا لنا مدرستنا (شمبات الحلة) ودعونا نتعامل مع الأشياء بفكرتنا ولا تشوهونا

س: يبدو عدم الرضا من حديثك؟ 
مواليد العام 2000 الآن عمره 17 عام ولكنه مرفوض من المجتمع السوداني، لماذا؟ لأنه تمرد علي الواقع الحالي، ولبس البنطلون (الناصل) وحلق رأسه بحلاقة معينة وهو متأثر بالميديا وبالسوشيال ميديا، ويُحكم علينا في 2017 بالطيش والإستهتار

س: هل توافق أن الواقع السوداني يتسم بالمحافظة حتي الآن؟
ولكنه لا يتماشي مع الواقع السوداني الذي تربينا عليه، وما تربينا عليه مات ودُفن. السودان بقعة طيبة، وملئ بالسماحة حتي الآن، لو تذكر زمان لما تلبس لبسة سمحة بنقول دي من طرف الدولاب، يعني أجمل ما فيك كان من طرف الدولاب .. طيب لو من جوه الدولاب حيكون شكله كيف؟ حيكون جميل شديد صح؟
كل الحكومات للأسف تعاملت مع طرف الدولاب فقط، ولكن المجتمع السوداني ملئ بالحكمة والسماحة والعفو والكرم

س: يبدو أنك مصراً علي أن تبعدنا من الحديث الفني، ولكنك لست سودانياً أكثر من بقية السودانيين؟
يا سيدي .. في أي مكان في الدنيا ستجد سودانياً مميزاً، والدليل هو أن سودانيي الخارج (شطار) والدول التي ذهبوا إليها إحترمت الإنسان السوداني. أمريكا منحت الأستاذ عبدالكريم الكابلي الجنسية الأمريكية ولكن والجنسية الأمريكية ليست شرفاً للكابلي بل هو شرف لأمريكا أن الكابلي نال جنسيتها. أمريكا فهمت اللعبة ونحن لاء فتأخرنا بل وعدنا للخلف. ضيعتنا القبلية والعنصرية والجهوية والخوف المسيطر علينا. أعجبني مقال لكاتب خليجي شخص فيه أزمة الإنسان السوداني المهاجر بأنه يقدم أجمل ما عنده لينال احترام الآخر.


س: وأين المشكلة في أن نثبت للآخرين أننا جيدين؟
  النتيجة هي السلوك التعويضي الذي نمارسه ونردد العبارات من شاكلة نحن أخلاقنا عالية، ونمتاز بالأمانة و (قلبنا حار) لدرجة الحماقة أحياناً. هذا ما يجعل الآخر يخافنا، نعم الخارج يخافوننا لأنهم لم يصلوا لتفسير شخصية السوداني، الآخر يخافنا لأننا لا نملك هوية سودانية حقيقة (كارنيه) لنبرزه ونقول ها نحن، ويخافوننا لأننا نتلون علي حسب المكان فنتحدث الخليجي والمصري أفضل من أهلها وفي أوربا أحيانا نجيد لغاتهم كأننا منهم

س: تقصد أنه لا توجد هوية سودانية؟
أنا لا ألوم السوداني المهاجر في انه لا يملك هوية لأنها مستلبة، الإستلاب أقصد به (الما عنده كبير) 
فالكبير كان كبير في زمن مضي ولكنه تخوف من المستقبل لأنه لم يملك النظرة المستقبلية ولم يتوقع أن يتطور العالم بهذ الشكل، فانعدام بعد النظر عنده إنعكس في خوفه علي أبنائه فهو أراد لهم أن يعيشوا نفس حياته ويعيد نفس اللعبة وهذه ليست الحياة

س: وكيف هي الحياة في نظرك؟
الحياة قائمة علي التسليم والتسلم، تسلمت من أبوك وستسلم لإبنك، لأنها شجرة يستظل فيها المسافر وهو ما أكده المصطفي (ص) 

س: ونعود للفن، هل تتابع الصحافة الفنية؟ 
الصحافة الفنية في السودان فات عليها الكثير،وأتمني من الصحافة الفنية ألا تضغط علي الفنان

س: ولكنك غير موجود في الساحة الفني؟
لست كسولاً ولكنني قرفان

س: لمـــــــــاذا؟
 لا توجد بيئة صالحة أقدم فيها أشيائي

س: ماذا تقصد بالبيئة الصالحة؟
 الوسط الفني الحالي ليس بالوسط الفني، إحساسي به كأنه سوق وبه سماسرة وحليفة الطلاق، كالشخص الذي ييحلف باولاده ويطلق زوجته في اليوم الف مرة ليعود اليهم بكيس الخضار و 100 جنيه

س: إذن لماذا تتحفظ علي الصحافة الفنية؟
ليست الصحافة الفنية فقط ولكن الساسية والرياضية ايضاً، الناس تتحدث عن سؤ الوسط الفني ولكن هذا السؤ في أوساط كثير وليس حكراً علي الوسط الفني، وهذا حال بلد بأكمله. أنظر حولك للعدائية والتجهم ورمي الأوساخ في الطرقات

س:وما الحــــل؟
إبتسم للآخر، لو عودنا أنفسنا وعلمنا الآخرين علي عدم رمي الأوساخ في الشوارع سنقضي علي الأوساخ. وبصراحة مشكلتنا ليست في الحكومة، مشكلتنا نحن افعالنا وإنهزامنا
س: انت يائـــس؟
لاء ولن أكون يائساً
س: إذن أين انت؟ وماذا تفعل؟
 عندي شئ مفقود، وهذا المفقود لا علاقة له بأن يصنع مني شخصية مميزة، ولكني أريده ليصنع التميز عند المتلقي، الآن أدرس دبلوم اللغة الالمانية واتحدثها تقريبا  ب  60 %
س: لماذا أخترت اللغة الألمانية؟
لي علاقات مع بعض الألمان وهم أناس طيبين وعادلين، سافرت معهم لعدة دول أفريقية مثل رواندا وكينيا وتنزانيا وزنزبار، وهم شاهدوني علي (يوتيوب) ويقولون أنني فنان يتعاملون معي علي هذا الأساس
س: ماذا إستفدت من زياراتك لهذه الدول الأفريقية؟
يجب أن نعترف أننا أهملنا أفريقيا والآن دول أفريقية كثير (عبرت)، نيروبي مثلاً غرامة التدخين في الشارع العام 500 $ وهنا يمكن أنت تدخن في أي مكان وترمي مخلفاتك في الشارع وبدون محاسبة
س: هذا يعني أن رحلة بحث فضل أيوب عن فضل الإنسان كانت علي حساب فضل الفنان؟
مافي مشكلة ولا مانع لدي
س: ولكنك تحمل هم هذه البلد كثيراً؟
هذه بلدنا ونحن نعيش علي الماضي، الكبار يتحسرون علي أن الخرطوم يوماً ما كانت تُغسل بالديتول، ولكن السؤال لماذا لا تُغسل بالديتول اليوم؟ لأنه ليس هناك تواصل حقيقي للأجيال، هم فشلوا في الحفاظ علي هذا الديتول وبعد كل هذا يرفضوننا كجيل، للأسف في بلدي الحقوق صارت أحلام


س: ولكن كل هذا لا يعفيك من المسؤلية كمبدع؟
 بلادي مليئة بالمبدعين الطيب صالح وإبراهيم الصلحي وعاصم الطيب قرشي وحتي الموظفين صلاح أحمد إبراهيم. المبدع يهاجر ويحقق مقولة نزار قباني (كل العصافير لها منازل إلا التي تحترف الحرية فانها تموت خارج الاوطان)، نحن إخترنا اننا نبدع في السودان لكن السودان لم ينصفنا

 
س: (ما أنصفك دي) إذا سلمنا بها هلي تعني أن عدم الإنصاف هزم مشروع الفنان عند فضل ايوب؟
الموضوع ليس مشاريع والفكرة ليست مشروع، الفنان والانسان كتلة واحدة، فحينما تحدد لي فنان وإنسان فأنت فتحت مساحة لل(شيزوفرنيا) بداخلي، فالإنسان والفنان واحد وهذه المسميات خلقت لبس عند المتلقي، الانسان فنان بالفطرة وهو فنان في مجاله وليس بالضرورة أن يكون (ماسك مايك) 

س: هل تركت الغناء في المناسبات الخاصة والأفراح؟
لاء .. وأكتر ما يجذبني لبيوت الاعراس هو السيدات والرجال كبار السن، وهبني الله صوت طيباً فلماذا لا أفرح به هؤلاء الكبار؟ إبتسامة من سيدة مسنة تمثل لي الحياة بأكملها وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني لا اقاطع هذه الحفلات ولو أغني مجانا

س: السؤال السابق لأن تواجدك في المنتديات والأمسيات أكثر من الإعلام والمناسبات؟
نعم متواجد في المنتديات لأغني الغناء الذي أحبه وأحسه وهو الذي قد لا أتمكن من غنائه في الأفراح

 
س: أنتم كجيل لماذا لم تنتجوا أغنيات مثل تلك التي تحبها؟
في رأيي أن مواليد الفترة 75 -85  هم عبارة عن فئران تجارب، وبالرغم من كل هذا فهم فهموا ووعوا ووصلوا لمستويات طيبة

س: أنت تحدثت حديث المحب عن السودان ولكن لماذا لم ينعكس تنوع السودان علي المنتج الغنائي بشكل مؤثر؟
بعض الفنانين اجتهدوا ولكن التجربة الأعظم كانت للراحل (محمود عبدالعزيز) الذي تغني للجنوب والشرق والغرب والشمال بل وطاف أغلب أنحاء السودان وعايش أهله وقال للناس بشكل عملي (نحن كلنا مع بعض)

س: مستقبلا هل تتوقع أن يأتي شخص بمستوي فكرة الراحل محمود  ؟
نعم .. وليس بالضرورة أن يكون فنان 

س: لماذا؟
لأنها الحقيقة

س: وما هي الحقيقة عندك؟ 
كلمة الحقيقة الآن هي عبارة عن مظلة وهمية نجلس تحتها ونتحدث عن الحقيقة، لأن الحقيقة لحظة واللحظة الحاضرة ضائعة وهذه مصيبتنا في الحياة 

س: هل سنسمع إنتاج فني خاص في القريب لفضل أيوب؟
بإذن الله .. هناك عمل من كلمات محمد المرضي عنبة من كلماته (دوام الناس يتسأل عنه ..وعن الريد وحني وحنه)

س: هل لك أن تختم هذه المقابلة؟
الحياة عادلة ونحن من نختار، قال تعالي (ومن يعمل مثقال ذرة خير يري ومن يعمل مثقال ذرة شر يري) الآية، وهذه هي قيمة الإيمان في حياتنا، أعظم كلمة سمعتها في حياتي هي (الدوام لله) لأنه فعلاً لا دائم إلا الله.
 وما قلته في هذه المقابلة قد يتغير لأنني تحدثت حسب زاوية الرؤية عندي، وقد لا يكون مقبولاً لشخص آخر لأن زاويته مختلفة ولكنه أحساسي ومن حقي أن أعبر عنه.

لمتابعة الاخبار الفنية الثقافية زورو موقعنا الالكتروني صحيفة ريبورتاج:
صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/reportagesd
تلغرام: https://telegram.me/reportagesd
مجموعة الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/85632…
تويتر:https://twitter.com/reportagesd1

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى